أيام وأسابيع, ساعات و دقائق, ثوانٍ ولحظات هي الفيصل بين الحلم والحقيقة، بين الواقع والمأمول، وبين الماضي والحاضر و عتبات المستقبل الذي يأخذ جزءاً كبيراً من تفكيرنا وتركيزنا وطاقاتنا الذهنية والبدنية.
نحب أن نرسم للأمام الخطوط، وننزع القيود، وننطلق في ملكوت الله، ونضع المسارات التي تحدد لنا مجرى قطار العمر السريع، والذي ينطلق بسرعة بلا محطات للتوقف والتأمل والتبصر على النفوس الخاوية ذات التركيز على السطح، التي لا تعرف طعماً للإنجاز ولا للإعجاز, ويمضي ببطء وتوقف بين المحطات الكثيرة للناجحين من الناس؛ فهم بطبيعة الحال كثيرو التتويج في محطات الحياة المتناثرة.
قفزاتهم كبيرة، وأعمالهم جليلة، وطاقتهم وفيرة، ونظرهم بعيد، وحلمهم سديد، وعمرهم مديد، وروحهم مشرقة براقة تلمع مثل اللؤلؤ، وتتأهب مثل أمواج المحيط لعناق الشاطئ والإقبال عليه بكل حيوية ونشاط.
إنهم العظماء والحكماء والأثرياء والعلماء والساسة والمفكرون والمجددون لحياة البشر في هذا الكوكب الوحيد المأهول بنا بين كواكب مجموعتنا الشمسية. كساهم الله –عزوجل- بكساء البطولة، وألبسهم تاج الشجاعة، ووهبهم كنز الحكمة؛ فهي كاشفة الأسرار، وعابرة البحار، و مؤونة الأمصار، ونور الدار والديار.
ولم تجتمع هذه الصفات في كائن وهبه الله العقل والروح والجسد مثل الإنسان إلاّ وقد وصف بأنه من الأصفياء و الأقوياء و الأذكياء.
فالثراء في هذا العصر -حسب الإحصائيات والدراسات- هو ثراء المهارة والمعلومة.
والنجاح في سباق المعرفة هو غاية ما يتمناه أكثر من ستة مليارات إنسان، هم سكان هذه المعمورة، وهو الذي يجلب ثراء المال والجاه، وثراء الأخلاق والقيم، والمنطلقات والسلوك والتصرفات.
فإذا توفر العقل الحاذق، والقلب الواعي، والروح المتدفقة الطامحة إلى قمم الجبال جاء المال، وراحة البال، والسعادة والطمأنينة، والرضا والتوفيق والتلذذ بالنصر والرفعة، وحصلت السعادة وعمّ الاستقرار.
فالمال إن وُهب جاهلاً زاده جهلاً، وان وُهب ذا علم وخبرة وتجربة ووعي زاد من خيره خيراً، ومن غناه بركة وحسن تصرف وتدبير وبناء وتعمير.
شغل الإنسان وسلوكه وتصرفاته وانفعالاته ورغباته العلماء طوال التاريخ، وولد هذا الانشغال ثلاثة علوم مهمة جداً تطوف حول هذا الكائن العجيب الغريب، وهي علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم التربية، أُلّفت فيها الكتب وقامت البحوث والدراسات والتجارب، وأُنفقت الأموال، وأُقيمت المحاضرات والدورات وورش العمل؛ فالكل مشغولون بمعرفة سر هذا الإنسان محرك هذا العالم الكبير واللاعب الأول فيه.
وكيف يستطيع أن يحقق رغباته وأحلامه ويبني واقعه وحياته بشكل إيجابي ومميز ومرضي ومتوازن.
كان من أكبر وأضخم هذه الدراسات هذه الدراسة، وقد أُجريت حول موضوع حيوي وهام هو محور هذا الكلام، ألا وهو موضوع القيادة، وكان جحم العينة البحثية مليون وخمسمائة ألف شخص حول العالم من جميع القارات الست، وقد كانت تحوم حول سؤال يدور في خلد كل واحد منكم يقرأ هذا المقال وهو:
هل يستطيع جميع البشر أن يصبحوا قادة في مجالاتهم المختلفة أم لا؟
للربط فقط كان الاعتقاد القديم للناس قبل هذا العمل الجبار بعدم استطاعة الكل على القيادة، وأن القيادة أمر فطري وغير مكتسب!!
ولكن سرعان ما حصل التحوّل الكبير والانقلاب الهائل في المفاهيم؛ إذ أكدت هذه الدراسة على أن 98% من الناس قادرون على القيادة، وأن 2% منهم قاده بالفطرة، وأن 96% من الناس قادة بالتعليم والتدريب وتنمية المهارات وصقل القدرات، وأن 2% المكملة لـ100% من البشر غير قادرين على القيادة فقط!!
وهذه البشرى تضيء لنا الإشارات الخضراء، وتفتح لنا البوابات الكبرى للعبور إلى جزيرة النجاح والتفوق والرقي والتقدم والازدهار والإعمار وتحقيق الأحلام الكبيرة وعناق الطموحات العظيمة التي تدور في خلد الكثير والكثير من خلق الله وعباده، وتجول في خواطرهم كل يوم، ولكنها حبيسة الأنفس المترددة، والأفكار الظلامية، والآراء المتشائمة، والتوجهات المشتتة، والحياة العشوائية.
فمتى نطلق طاقاتنا الدفينة و رغباتنا السجينة وسط أرواحنا المهزومة وأفكارنا المأزومة التي تقتلنا قبل أن نبدأ فنُدفن حيث وُلدنا، ومن يحرر لنا شهادة الميلاد هو ذاته من يحرر شهادة الوفاة، ولكن بتوقيعنا نحن وبكل أسف!!
فمتى يُخرِج كلٌّ منا القائد الفولاذي المتألق الذي بداخله لكي يعانق السحاب فوق القمم الشاهقات، التي هي مكان للأبطال والمميزين والعظماء والمبدعين... وأنت واحد منهم –ولاشك- ولكن انفضِ الغبار عن عقلك والكسل عن بدنك والهزيمة عن روحك، وأطلقِ القائد الهمام الذي في داخلك، وقُدْ نفسك وأسرتك و من حولك وأمتك المتعطشة لعملك، نحو السعة والسرور والفرح والحبور والثراء والقصور والرضا في الشعور في طاعة الآمر للمأمور سبحانه.
فأنتم قادرون على تحمل المسؤوليات الجسام في بيوتكم وأعمالكم وأسركم ومجتمعكم المتشوق لأعمالكم وإبدعاتكم الرائعة وأعمالكم الخالدة.
فتعلموا أسرار القيادة وفنون الريادة التي تصنع التحول في حياتكم، وكونوا صُنّاعاً للحياة تتسمون بالمبادرة والشجاعة، والإدارة المميزة للوقت، والرؤيا الثاقبة، والأهداف المكتوبة، والرسالة السامية، والتخطيط الإستراتيجي ذي النفس الطويل، والتنظيم للأعمال والصدق في الأقوال، والصلابة في المواقف، والحزم في الحقوق، والعزم في الإنجاز، والاعتراف بالأخطاء، والاستفادة من العثرات لمصلحة ما هو آت فهذه صفات القائد.
وهنا يقف أمامي مثال شامخ معاصر لنا وبين أيدينا, سيرته ملأت الدنيا، وإنجازاته ذاعت في كل الأمصار، و نُقشت بأجمل الأحبار.
هو الدكتور عبدالرحمن السميط الرجل الذي غير إفريقية وقلب موازينها الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والدينية، ذلك الطبيب المخلص ذو القلب النابض بالعمل الجاد والنية الصادقة، والتوكل على ملك الملوك سبحانه صاحب الحلم الكبير.
ذلك الشخص المريض والذي لم يثنه مرضه وتناوله لأكثر من عشرة أنواع من الأدوية يوماً عن عمله الجبار ومشروعه الضخم في تقديم الهداية، و دين الحق، والعيش الكريم، ومشاريع التنمية لأناس نسيهم العالم خلف الأدغال، فذكرهم عبد الرحمن السميط.
ولأن لغة الأرقام لغة يقرؤها العرب والأعاجم, الاثرياء والفقراء, السعداء والبؤساء،
وهي خير دليل وبرهان على همم الأبطال وقمم الرجال، وهنا نشير إلى مقتطفات من حياته العظيمة بالإنجازات والفتوحات والمفاجآت السارة واللافتة للنظر.
بدأ السميط عمله الخيري والدعوي والتنموي بدايات بسيطة في دولة الكويت؛ حيث غلفه بطموحات كبرى، وكان ذلك في أواخر السبعينيات الميلادية من القرن الماضي.
وكما هي العادة الدنيوية والنواميس الكونية للبدايات؛ ففيها تكون التحديات والصعوبات والأبواب المغلقة، ولكن لا يقطف الورد في النهاية إلاّ من وخز بأشواكه!!
ثلاثة أشهر من العمل الشاق والجاد والتواصل الكبير مع الناس في بلد غني مثل الكويت ومع ذلك لم يستطع السميط إلاّ أن يجمع (1000) دولار فقط!!
إنها خيبة أمل بالطبع ومع ذلك لم يرفع العلم الأبيض، ولكن غير الإستراتيجية فتحوّل من مخاطبة الأغنياء والأثرياء إلى مخاطبة الطبقة الوسطى هناك، وتحديداً الشريحة النسوية المراهنة على ما عند الله، وقد كانت كنز عبد الرحمن السميط المفقود، حيث فتح الله عليه فتحاً عظيماً بعد ثلاثة أشهر عجاف، وانطلق بكل قوة نحو حلمه في تنمية وتغيير وتطوير القارة السمراء، ذلك المكان الموحش للبعض، ولكنه للأنفس التواقة التي تعشق التحدي والمغامرة وتطلبها، وكان ذلك النجاح الرهيب والمدوي بكل المقاييس.
أسلم على يديه وعبر جهوده وجهود فريق العمل الطموح الذي يرافقه أكثر من سبعة ملايين شخص في قارة إفريقية فقط.
وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها هناك أكبر منظمة عالمية في إفريقية كلها يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب، وتمتلك أكثر من أربع جامعات، وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات، وقامت بحفر وتأسيس أكثر من (8600) بئر، وإعداد وتدريب أكثر من (4000) داعية ومعلم ومفكر خلال هذه الفترة، وقلب الآلاف بدون مبالغة من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها بكل جدارة؛ فقد طبق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب.
زرع عبد الرحمن السميط حب العطاء وفن القيادة في من حوله، وكان من أبرز من التقط هذا المنهج حرمه أم قصي التي تبرعت بجميع إرثها -بلا تردد- لصالح العمل الخيري، وهي أيضاً قائدة بارزة في مجالها؛ فقد أسست الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية وتديرها بكل نجاح وتميز، وهي بدعمها ومؤازرتها أحد أسرار نجاحه أيضاً، وهذه أحد تفاعلات النجاح وخلطاته السحرية، حيث النجاح الجماعي حيث يكون التكامل .
إنها روح واحدة صنعت كل هذه الإنجازات العظيمة في ثاني أكبر قارة في العالم، وتحت أصعب الظروف السياسية والصحية والثقافية، حيث تنتشر الحروب والنزاعات والجهل والتخلف والأمراض، ويغيب الاستقرار والأمن والجهات الداعمة.
إنها نفس الروح التي تجري في عروقنا، وتحرّك أجسادنا جميعاً، ولكن الفارق هو روح القيادة الفاعلة المبنية على الحكمة والإخلاص والنوايا الطيبة التي هي أساس العمل الناجح والمثمر الذي يباركه الله –عزوجل- ويسهل كل الطرق لصاحبه، فهل نطلق القائد الهمام المقدام -والناس نيام- الذي بدواخلنا نحن بني البشر على اختلاف أجناسنا وأعمارنا وأقطارنا؟!
فلنفعلْ من الآن، ولنجعلْ بداية هذا العام.. هي خط البداية لاكتشاف القائد فينا وصناعته في من حولنا من أبناء أو طلاب أو أعزاء، وهنا يكمن الفرق؛ فالإنسان الذي غيّر القارة يحمل نفس روحك وعقلك وجسدك، وكان الاستثمار الأمثل لهذه الأعطيات والأنعم الإلهية بشكل ذكي وموفق سخر لمصلحة البشرية التي لا تزال تحلم بالإنسان الذي سوف يغير العالم، فهل أنت هو يا ترى؟
"تأصيل"
روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء، فلا تقلْ: لو أني فعلت كذا، ولكن قلْ قدّر الله، وما شاء فعل، فإنّ لو تفتح عمل الشيطان".
"خاتمة"
القيادة هي باختصار "تحريك الناس نحو الهدف".
نحب أن نرسم للأمام الخطوط، وننزع القيود، وننطلق في ملكوت الله، ونضع المسارات التي تحدد لنا مجرى قطار العمر السريع، والذي ينطلق بسرعة بلا محطات للتوقف والتأمل والتبصر على النفوس الخاوية ذات التركيز على السطح، التي لا تعرف طعماً للإنجاز ولا للإعجاز, ويمضي ببطء وتوقف بين المحطات الكثيرة للناجحين من الناس؛ فهم بطبيعة الحال كثيرو التتويج في محطات الحياة المتناثرة.
قفزاتهم كبيرة، وأعمالهم جليلة، وطاقتهم وفيرة، ونظرهم بعيد، وحلمهم سديد، وعمرهم مديد، وروحهم مشرقة براقة تلمع مثل اللؤلؤ، وتتأهب مثل أمواج المحيط لعناق الشاطئ والإقبال عليه بكل حيوية ونشاط.
إنهم العظماء والحكماء والأثرياء والعلماء والساسة والمفكرون والمجددون لحياة البشر في هذا الكوكب الوحيد المأهول بنا بين كواكب مجموعتنا الشمسية. كساهم الله –عزوجل- بكساء البطولة، وألبسهم تاج الشجاعة، ووهبهم كنز الحكمة؛ فهي كاشفة الأسرار، وعابرة البحار، و مؤونة الأمصار، ونور الدار والديار.
ولم تجتمع هذه الصفات في كائن وهبه الله العقل والروح والجسد مثل الإنسان إلاّ وقد وصف بأنه من الأصفياء و الأقوياء و الأذكياء.
فالثراء في هذا العصر -حسب الإحصائيات والدراسات- هو ثراء المهارة والمعلومة.
والنجاح في سباق المعرفة هو غاية ما يتمناه أكثر من ستة مليارات إنسان، هم سكان هذه المعمورة، وهو الذي يجلب ثراء المال والجاه، وثراء الأخلاق والقيم، والمنطلقات والسلوك والتصرفات.
فإذا توفر العقل الحاذق، والقلب الواعي، والروح المتدفقة الطامحة إلى قمم الجبال جاء المال، وراحة البال، والسعادة والطمأنينة، والرضا والتوفيق والتلذذ بالنصر والرفعة، وحصلت السعادة وعمّ الاستقرار.
فالمال إن وُهب جاهلاً زاده جهلاً، وان وُهب ذا علم وخبرة وتجربة ووعي زاد من خيره خيراً، ومن غناه بركة وحسن تصرف وتدبير وبناء وتعمير.
شغل الإنسان وسلوكه وتصرفاته وانفعالاته ورغباته العلماء طوال التاريخ، وولد هذا الانشغال ثلاثة علوم مهمة جداً تطوف حول هذا الكائن العجيب الغريب، وهي علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم التربية، أُلّفت فيها الكتب وقامت البحوث والدراسات والتجارب، وأُنفقت الأموال، وأُقيمت المحاضرات والدورات وورش العمل؛ فالكل مشغولون بمعرفة سر هذا الإنسان محرك هذا العالم الكبير واللاعب الأول فيه.
وكيف يستطيع أن يحقق رغباته وأحلامه ويبني واقعه وحياته بشكل إيجابي ومميز ومرضي ومتوازن.
كان من أكبر وأضخم هذه الدراسات هذه الدراسة، وقد أُجريت حول موضوع حيوي وهام هو محور هذا الكلام، ألا وهو موضوع القيادة، وكان جحم العينة البحثية مليون وخمسمائة ألف شخص حول العالم من جميع القارات الست، وقد كانت تحوم حول سؤال يدور في خلد كل واحد منكم يقرأ هذا المقال وهو:
هل يستطيع جميع البشر أن يصبحوا قادة في مجالاتهم المختلفة أم لا؟
للربط فقط كان الاعتقاد القديم للناس قبل هذا العمل الجبار بعدم استطاعة الكل على القيادة، وأن القيادة أمر فطري وغير مكتسب!!
ولكن سرعان ما حصل التحوّل الكبير والانقلاب الهائل في المفاهيم؛ إذ أكدت هذه الدراسة على أن 98% من الناس قادرون على القيادة، وأن 2% منهم قاده بالفطرة، وأن 96% من الناس قادة بالتعليم والتدريب وتنمية المهارات وصقل القدرات، وأن 2% المكملة لـ100% من البشر غير قادرين على القيادة فقط!!
وهذه البشرى تضيء لنا الإشارات الخضراء، وتفتح لنا البوابات الكبرى للعبور إلى جزيرة النجاح والتفوق والرقي والتقدم والازدهار والإعمار وتحقيق الأحلام الكبيرة وعناق الطموحات العظيمة التي تدور في خلد الكثير والكثير من خلق الله وعباده، وتجول في خواطرهم كل يوم، ولكنها حبيسة الأنفس المترددة، والأفكار الظلامية، والآراء المتشائمة، والتوجهات المشتتة، والحياة العشوائية.
فمتى نطلق طاقاتنا الدفينة و رغباتنا السجينة وسط أرواحنا المهزومة وأفكارنا المأزومة التي تقتلنا قبل أن نبدأ فنُدفن حيث وُلدنا، ومن يحرر لنا شهادة الميلاد هو ذاته من يحرر شهادة الوفاة، ولكن بتوقيعنا نحن وبكل أسف!!
فمتى يُخرِج كلٌّ منا القائد الفولاذي المتألق الذي بداخله لكي يعانق السحاب فوق القمم الشاهقات، التي هي مكان للأبطال والمميزين والعظماء والمبدعين... وأنت واحد منهم –ولاشك- ولكن انفضِ الغبار عن عقلك والكسل عن بدنك والهزيمة عن روحك، وأطلقِ القائد الهمام الذي في داخلك، وقُدْ نفسك وأسرتك و من حولك وأمتك المتعطشة لعملك، نحو السعة والسرور والفرح والحبور والثراء والقصور والرضا في الشعور في طاعة الآمر للمأمور سبحانه.
فأنتم قادرون على تحمل المسؤوليات الجسام في بيوتكم وأعمالكم وأسركم ومجتمعكم المتشوق لأعمالكم وإبدعاتكم الرائعة وأعمالكم الخالدة.
فتعلموا أسرار القيادة وفنون الريادة التي تصنع التحول في حياتكم، وكونوا صُنّاعاً للحياة تتسمون بالمبادرة والشجاعة، والإدارة المميزة للوقت، والرؤيا الثاقبة، والأهداف المكتوبة، والرسالة السامية، والتخطيط الإستراتيجي ذي النفس الطويل، والتنظيم للأعمال والصدق في الأقوال، والصلابة في المواقف، والحزم في الحقوق، والعزم في الإنجاز، والاعتراف بالأخطاء، والاستفادة من العثرات لمصلحة ما هو آت فهذه صفات القائد.
وهنا يقف أمامي مثال شامخ معاصر لنا وبين أيدينا, سيرته ملأت الدنيا، وإنجازاته ذاعت في كل الأمصار، و نُقشت بأجمل الأحبار.
هو الدكتور عبدالرحمن السميط الرجل الذي غير إفريقية وقلب موازينها الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والدينية، ذلك الطبيب المخلص ذو القلب النابض بالعمل الجاد والنية الصادقة، والتوكل على ملك الملوك سبحانه صاحب الحلم الكبير.
ذلك الشخص المريض والذي لم يثنه مرضه وتناوله لأكثر من عشرة أنواع من الأدوية يوماً عن عمله الجبار ومشروعه الضخم في تقديم الهداية، و دين الحق، والعيش الكريم، ومشاريع التنمية لأناس نسيهم العالم خلف الأدغال، فذكرهم عبد الرحمن السميط.
ولأن لغة الأرقام لغة يقرؤها العرب والأعاجم, الاثرياء والفقراء, السعداء والبؤساء،
وهي خير دليل وبرهان على همم الأبطال وقمم الرجال، وهنا نشير إلى مقتطفات من حياته العظيمة بالإنجازات والفتوحات والمفاجآت السارة واللافتة للنظر.
بدأ السميط عمله الخيري والدعوي والتنموي بدايات بسيطة في دولة الكويت؛ حيث غلفه بطموحات كبرى، وكان ذلك في أواخر السبعينيات الميلادية من القرن الماضي.
وكما هي العادة الدنيوية والنواميس الكونية للبدايات؛ ففيها تكون التحديات والصعوبات والأبواب المغلقة، ولكن لا يقطف الورد في النهاية إلاّ من وخز بأشواكه!!
ثلاثة أشهر من العمل الشاق والجاد والتواصل الكبير مع الناس في بلد غني مثل الكويت ومع ذلك لم يستطع السميط إلاّ أن يجمع (1000) دولار فقط!!
إنها خيبة أمل بالطبع ومع ذلك لم يرفع العلم الأبيض، ولكن غير الإستراتيجية فتحوّل من مخاطبة الأغنياء والأثرياء إلى مخاطبة الطبقة الوسطى هناك، وتحديداً الشريحة النسوية المراهنة على ما عند الله، وقد كانت كنز عبد الرحمن السميط المفقود، حيث فتح الله عليه فتحاً عظيماً بعد ثلاثة أشهر عجاف، وانطلق بكل قوة نحو حلمه في تنمية وتغيير وتطوير القارة السمراء، ذلك المكان الموحش للبعض، ولكنه للأنفس التواقة التي تعشق التحدي والمغامرة وتطلبها، وكان ذلك النجاح الرهيب والمدوي بكل المقاييس.
أسلم على يديه وعبر جهوده وجهود فريق العمل الطموح الذي يرافقه أكثر من سبعة ملايين شخص في قارة إفريقية فقط.
وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها هناك أكبر منظمة عالمية في إفريقية كلها يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب، وتمتلك أكثر من أربع جامعات، وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات، وقامت بحفر وتأسيس أكثر من (8600) بئر، وإعداد وتدريب أكثر من (4000) داعية ومعلم ومفكر خلال هذه الفترة، وقلب الآلاف بدون مبالغة من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها بكل جدارة؛ فقد طبق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب.
زرع عبد الرحمن السميط حب العطاء وفن القيادة في من حوله، وكان من أبرز من التقط هذا المنهج حرمه أم قصي التي تبرعت بجميع إرثها -بلا تردد- لصالح العمل الخيري، وهي أيضاً قائدة بارزة في مجالها؛ فقد أسست الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية وتديرها بكل نجاح وتميز، وهي بدعمها ومؤازرتها أحد أسرار نجاحه أيضاً، وهذه أحد تفاعلات النجاح وخلطاته السحرية، حيث النجاح الجماعي حيث يكون التكامل .
إنها روح واحدة صنعت كل هذه الإنجازات العظيمة في ثاني أكبر قارة في العالم، وتحت أصعب الظروف السياسية والصحية والثقافية، حيث تنتشر الحروب والنزاعات والجهل والتخلف والأمراض، ويغيب الاستقرار والأمن والجهات الداعمة.
إنها نفس الروح التي تجري في عروقنا، وتحرّك أجسادنا جميعاً، ولكن الفارق هو روح القيادة الفاعلة المبنية على الحكمة والإخلاص والنوايا الطيبة التي هي أساس العمل الناجح والمثمر الذي يباركه الله –عزوجل- ويسهل كل الطرق لصاحبه، فهل نطلق القائد الهمام المقدام -والناس نيام- الذي بدواخلنا نحن بني البشر على اختلاف أجناسنا وأعمارنا وأقطارنا؟!
فلنفعلْ من الآن، ولنجعلْ بداية هذا العام.. هي خط البداية لاكتشاف القائد فينا وصناعته في من حولنا من أبناء أو طلاب أو أعزاء، وهنا يكمن الفرق؛ فالإنسان الذي غيّر القارة يحمل نفس روحك وعقلك وجسدك، وكان الاستثمار الأمثل لهذه الأعطيات والأنعم الإلهية بشكل ذكي وموفق سخر لمصلحة البشرية التي لا تزال تحلم بالإنسان الذي سوف يغير العالم، فهل أنت هو يا ترى؟
"تأصيل"
روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء، فلا تقلْ: لو أني فعلت كذا، ولكن قلْ قدّر الله، وما شاء فعل، فإنّ لو تفتح عمل الشيطان".
"خاتمة"
القيادة هي باختصار "تحريك الناس نحو الهدف".
سلطان بن عبد الرحمن العثيم
مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات
مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق