الأربعاء، 27 يونيو 2012

كن لطيفا...لحياةِ أطول‎

بعدما أخبره طبيبه عن إصابته بمرض خطير وأن يومه قد اقترب و حياته قاب قوسين أو أدنى من الانقضاء خرج يمشي مشية الحائر الذاهل وقد نسج الألم على وجهه غبرة مطلقاً لعبرته سبيلها, يئن أنينا محزنا قد حمل هماً عظيماً وبينما هو يسير هائما على وجهه أراد أن يشرب ماء لجفاف في ريقه أصابه بعد الخبر الكارثة وعندما دلف إلى البقالة وإذا به يجد صاحبها يضرب طفلا صغيرا ضربا مبرحا فاستفظع مافعل الرجل فلم يتردد في إطلاق النار عليه فأراده قتيلا , ثم خرج واستقل سيارة أجرة وقد قابله السائق بازدراء واحتقار مما دفعه إلى إطلاق رصاصة عليه , وبعدها وجد نفسه في سيرك عالمي يزور مدينته فأراد أن يروح عن نفسه وانتظم في طابور شراء التذاكر وساءه ما شاهد من فضاضة أحد الباعة مع الجمهور فاستقبح سلوكه فتتبعه عندما خرج وباغته برصاصة أودت بحياته.و العجيب أن الرجل كان يسألهم جميعا قبل أن يقتلهم عن أعمارهم ,وبعدما يجيبون عليه يرد عليهم : ربما عشت ضعف عمرك لو كنت مؤدبا! وكان يترك بجانب كل ضحية ورقة كتب فيها: لو كان لطيفاً لعاش أطول! وبعد سلسلة من الحوادث ذاع صيت الرجل في المدينة وانتشر خبره وتناقل الرواة ما يفعله فدبَّ الذعر في قلوب الناس وخصوصا الغير مهذبين والصفقاء خشية أن يكونوا ضحاياه القادمين فربما التقوا بهذا الرجل ذات يوم فيؤدبهم على سوء خلقهم بالقتل ! مما دفعهم أن يكونوا أكثر لطفا وأرق تعاملا و تهذيبا مع الآخرين مما جعل اللطف يعم وينتشر بين الناس في المدينة !

ماذا تختار؟:
من تلك القصة الرمزية أقول: اختر أما الموت أو اللطف !ّفاللطف والأدب وحسن التعامل مع الآخرين هو عمرٌ ثانٍ طويل من حيث بركة العمر وعظم الجوائز المكتسبة , و أجدني أحيانا عاجزا عن إيجاد تفسير منطقي لغلظة البعض وقسوته وتعامله العنيف مع الجميع فلا تجد أحدا قد سلم منه ولا من سوء خلقه فلا تراه إلا متجهما و إذا ما خالفت رأيه رماك بجارح الكلام و إذا ذهبت غير مذهبه جرعك مسموم كلامه مغلظا لك في الخطاب!
وهذه النوع من البشر تعقبه غلظته ندما وتجلب عليه وبالا وتنتج له شرا ويذكر في هذا أن غنيا كان شديد الكبر عظيم الصلف احتقر أحد حاملي الأمتعة في أحد المطارات , وبعد أن غادر التاجر أتى أحد المسافرين يواسي العامل فقال له العامل مبتسماً: لاتقلق سيدي هو يريد لوس انجلوس وأمتعته ستذهب إلى نيويورك!
بضاعتنا ردت إلينا: وقد قدّم لنا القران دروساً جميلة في فنون اللطف ومهارات الذوق فقال سبحانه في معرض العتب للحبيب اللهم صلي وسلم عليه :(عفا الله عنك لم أذنت لهم )
فهل رأيتم لطفا وذوقا وأدبا مثل هذا؟! وهل سمعتم بمعاتبة أحسن من تلك؟! فمن تأمل حال البشر يجد أن أغلبهم يباغت المخطيء بالتهديد ويتلقاه بالتهويل ثم يرسل النقد كسهم قاتل مسموم , أما المولى سبحانه فقد بدأ بالعفو قبل المعاتبة! ومن الوصايا الجميلة ما أوصى به سبحانه موسي وهارون بأن يقولا لفرعون قولا لينا .وهو القائل أنا ربكم الاعلى !!. فهل سمعتم بأطيب من هذا الكلام وأعذب من هذا الخطاب!
إن الحديث عن موضوع اللطف ورقة الحديث وجمال الأسلوب ليس نافلة بل هو ضرورة بالغة فالبشر كائنات عاطفية والتعامل معهم يحتاج إلى تؤدة ورفق ولين , واللطف زينة الإنسان وأقوى أسلحته وطريقه الميسر لاختراق القلوب وعقد الصفقات النفسية, والرجل اللطيف تنقاد له الصعاب ويتيسر له العسير وتذلل له العقبات فتمنحه النفوس ودها وتهديه القلوب حبها , واللطف ليس وسيلة من وسائل كسب العيش أو المال إنما هي حالة من حالات السمو الإنساني ترتقي بها النفوس إلى مدارج الكمال والجمال.

تحذير:
كما أن اللطف لايعني إذلال النفس أو احتقار الذات أو الاستكانة والانهزامية والركض نحو إرضاء الآخرين أو موافقتهم في جميع أرائهم فالشخص اللطيف يطالب بحقه ويعبر عن رايه ويقول لا في وقتها ويتصدى لهجوم الحمقى والأغبياء ولكن بأدب وحزم ودون رفع للصوت أو التلفظ بكلمات نابية أو جرح شعور الآخرين!

السر!:
• شاب بولندي أسلم على يديه المئات في فترة وجيزة بالرغم من قلة العلم الشرعي وقرب العهد بالإسلام مما أثار انتباه أحد الفضلاء والذي التقاه في إحدى المدن الألمانية فسأله عن سر محبة الناس له مما بسط مهمته في الدعوة فأجابه :فقط تصرفت كمسلم!!

أنت أولا:
• أولا وقبل كل شيء كن لطيفا مع نفسك ففاقد الشيء لايعطيه فاللطفاء مع أنفسهم رصيدهم من الثقة كبير لذا تجدهم أقرب إلى العطاء بعكس الذين يكرهون أنفسهم فهم في سعي دائم للأخذ والاستئثار بكل شيء
لا للإنتقاء!:
• لا يستقيم أن يكون الإنسان لطيفا مهذبا مع شريحة دون شريحة ومع أشخاص دون أشخاص , ولست مقتنعا بما يسمى باللطف الجزئي فهو طبع ثابت غير قابل للانتقاء

التصرفات الدافئة:
إليك أيها العزيز بعض اللمسات الإنسانية والتصرفات الدافئة والتي ستجعل منك شخصا لطيفا محبوبا بإذن الله:
1. ابتسم وليشرق محياك بها دائما
2. أنصت بود فالإنصات مؤشر للاحترام
3. قدّر الآخرين واحترم أرائهم ولا تقلل من شأنها،
4. امدح ما ترصد من سلوكيات أو ايجابيات
5. سل سخائم القلوب ورقق الأرواح بالهدية
6. لاتفرح بتصيد الأخطاء وان أردت الانتقاد فمرره برفق
7. شجّع الانجازات واثن على النجاحات
8. تعاطف في أوقات الأزمات ولحظات الانكسار واحفظ ماء الوجه ومهّد دروب العودة للآبقين

9. تواضع ,تكبر وتعظم في عيون الآخرين
10. احفظ الأسماء فهم من أهم الممتلكات ومناداتك بالاسم دلالة اهتمام
11. تفاعل مع حديثهم واستشهد بأقوالهم واثن عليها
12. دافع عن الغائبين وذب عن أعراضهم فهي الشجاعة الحقيقية
13. أحيي المعروف بإماتته وعدم ذكره وترفع عن المنّ
14. اقبل العذر ولا تكن ثقيل النفس
15. لاتتدخل فيما لايعينك ولا تُكثر الأسئلة
16. لاتكن شكايا بضاعتك النواح وشعارك اللوم
17. اتصل قبل أن تزور واسأل عن مناسبة الوقت إذا أردت اتصالا طويلا
18. احترم المواعيد فهي علامة فارقة للمتحضرين
19. لاطف الصغار وداعبهم وتحدث معهم باهتماماتهم
20. تسامح وكن مخموم القلب طاهر الروح
21. كلمتان عذبتان سحريتان "من فضلك" عند الطلب, و"أشكرك" عند إنجاز الطلب
22. هنئيْ الآخرين وتفاعل مع مناسباتهم وإن تعذر حضورك فاعتذر ولو برسالة
23. بشّر بالخير وانقل الأخبار الجميلة
24. عبّر عن حبك وانطق بمكنونات قلبك
25. لاتمارس دور الواعظ والأستاذ عليهم
26. كن واعيا بنفسك مسيطرا على انفعالاتك
27. لاتفرض رأيك ولا تصادر آراءهم
28. اعتذر منهم إذا بدر منك خطأ ولا تكابر
29. تنزه عن استخدام الألفاظ المنحطة
30. تفقد الغائب واسأل عنه
31. قبل أن تغادر مناسبة دعيت لها اثن على جودة الأكل وروعة التنظيم ومن الغد كرر الإعجاب برسالة
32. قدّم ضيوفك لبعضهم ورافقهم عند دخولهم وخروجهم
33. اعتذر لهم حال الخطأ ولا تطلق الأحكام القطعية عليهم
34. قدّم لهم المعونة من غير طلب و اقض حاجاتهم ما أمكنك
35. لا تقل (هو) أو (هي) عن شخص موجود
36. لاتتقدم بطرح رأي أو تقديم نصح لم يُطلب منك تقديمه
37. كلما كان صوتك منخفض كان حديثك خفيفاً على القلوب و الأسماع
38. ارصد شيئاً مميزا في أحدهم كعطره أو ساعته وعبّر باتزان عن إعجابك به
39. كنّ طلق الوجه عذب الترحيب عند اللقاء
40. اجعل الآخرين يتحدثون عن أنفسهم
41. لا تُذّكر أحدا بسقطاته
42. لاتفحم وتحرج من ضعفت حجته إذا كان الأمر لايستحق
43. كُنّ متفائلاً ناثرا لورود الأمل على من حولك
وأخيرا أيها العزيز أنصحك بأن تطبق قاعدة2*2 بحيث تختار مهاراتين تنقصك ثم تجاهد نفسك على تطبيقها بتركيز وحرص لمدة أسبوعين سترفع بها من مستوى علاقاتك و معها ستجد روحك تحلق في فضاء رحب من الانشراح والأنس
ومضة قلم:
جميلٌ أن يكون لك قلبٌ أنت صاحبه .. ولكن الأجمل أن يكون لك صاحبٌ أنت قلبه ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق