د . عائض القرني
إن من تعاسة العبد , وعثرة قدمه وسقوط مكانته : ظلمه
لعباد الله , وهضمه حقوقهم وسحقه ضعيفهم , حتى قال
أحد الحكماء : خف ممن لم يجد له عليك ناصراً إلا الله .
ولقد حفظ لنا تاريخ الأمم أمثلة حية في الأذهان عن عواقب
الظلمة .
فهذا عامر بن الطفيل يكيد للرسول ويحاول اغتياله
فيدعو عليه , فيبتليه الله بغدة في نحره , فيموت
لساعته , وهو يصرخ من الألم .
وأربد بن قيس يؤذي رسول الله , ويسعى في تدبير قتله
فيدعو عليه فينزل الله عليه صاعقة تحرقه هو وبعيره .
وقبل أن يقتل الحجاج سعيد بن جبير بوقت قصير دعا عليه
سعيد وقال : اللهم لا تسلطه على أحد بعدي. فأصاب الحجاج
خراج في يده , ثم انتشر في جسمه , فأخذ يخور كما يخور
الثور ثم مات في حالة مؤسفة .
واختفى سفيان الثوري خوفاً من أبي جعفر المنصور , وخرج
أبو جعفر يريد الحرم المكي , فقام سفيان وأخذ بأستار الكعبة
ودعا الله عز وجل أن لا يدخل أبا جعفر بيته , فمات أبو
جعفر عند بئر ميمون قبل دخول مكة .
وأحمد بن أبي دؤاد القاضي المعتزلي يشارك في إيذاء الإمام
بن حنبل فيدعو عليهم فيصيبه الله بمرض الفالج فكان يقول :
أما نصف جسمي , فلو وقع عليه الذباب لظننت أن القيامة
قامت , وأما النصف الآخر, فلو قرض بالمقاريض ما أحسست .
ويدعو أحمد بن حنبل أيضا على ابن الزيات الوزير , فيسلط
عليه من أخذه , وجعله في فرن من نار , وضرب المسامير
في رأسه .
وحمزه البسيوني كان يعذب المسلمين في سجن جمال عبد
الناصر , ويقول في كلمة له مؤذية :" أين إلهكم لأضعه
في الحديد "؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
فاصطدمت سيارته - وهو خارج من القاهرة إلى الإسكندرية
بشاحنة تحمل حديدا , فدخل الحديد في جسمه من أعلى
رأسه إلى أحشائه , وعجز المنقذون أن يخرجوه إلا قطعا .
{ واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم
إلينا لا يرجعون } .
{ وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم
هو أشد منهم قوة } .
وكذلك صلاح نصر من قادة عبد الناصر , وممن أكثر
في الأرض الظلم والفساد , أصيب بأكثر من عشرة
أمراض مؤلمة مزمنة , عاش عدة سنوات من عمره في
تعاسة , ولم يجد له الطب علاجا , حتى مات سجينا
مزجوجاً به في زنزانات زعمائه الذين كان يخدمهم .
{ الذين طغوا في البلد * فأكثروا فيها الفساد * فصب
عليهم ربك سوط عذاب } .
[ إن الله ليملي للظالم , حتى إذا أخذه لم يفلته ]
[ اتق دعوة المظلوم , فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ]
قال إبراهيم التيمي :إن الرجل ليظلمني فأرحمه .
وسرقت دنانير لرجل صالح من خرسان , فجعل يبكي
فقال له الفضيل : لم تبكي ؟ قال : ذكرت أن الله سوف
يجمعني بهذا السارق يوم القيامة , فبكيت رحمة له .
واغتاب رجل أحد علماء السلف , فأهدى للرجل تمرا
وقال : لأنه صنع لي معروفا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق