الخميس، 14 يونيو 2012

بدعة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف‎


بسم الله الرحمن الرحيم
بدعة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
@الحمد لله الذي أكمل لنا بنعمته شرائع الدين، وهدانا لاتباع سيد الأولين والآخرين، وأقام على خلقه الحجة البالغة فلو شاء لهداهم أجمعين. @وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العالم بخفيات الأمور وسرائر الصدور @وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله المؤيد بالوحي المبين، والذي تركنا على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا من كان من الهالكين، وأعرض عن طريق السلف الصالحين، واتبع طريق المبتدعين الضالين @صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه وأزواجه وذريته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين @أما بعد: فاتقوا الله تعالى يا عباد الله! حق التقوى، واشكروه على ما من به عليكم من نعمة الإسلام، والهداية لهذا الدين القويم الذي أكمله الله وأتمه ورضيه لنا دينا، فمن عمل بشرائعه كان من الناجين، ومن نقص منها أو زاد فيها ما لم يشرعه الله كان من الغاوين، المعرضين أنفسهم للعقوبة العاجلة والآجلة.
@عباد الله! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ" [البخاري] . وكان من الخير الذي جاء به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: الوصية باتباع سنته، ومن الشر الذي حذرنا منه: المحدثات والبدع في دين الله عز وجل، فعن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه قال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُون، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ، فَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلافًا شَدِيدًا، فَعَلَيْكُم بسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) [صحيح سنن ابن ماجه]. وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيُبعَدُ رجالٌ من أمته عن حوضه يوم القيامة فلا يشربون منه، بسبب إحداثهم في دين الله واختراعهم للبدع. ففي صحيح مسلم أن النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ فَإِيَّايَ لا يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، فَأَقُولُ فِيمَ هَذَا؟ فَيُقَالُ إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا" [البخاري ومسلم] .
إذا علمتم يا عباد الله - ما تقدم من خطورة البدع في الدين، وإثم فاعلها عند الله رب العالمين، فإنه قد أحدث بعض الناس - في هذا الشهر شهر ربيع الأول من كل سنة وبالتحديد في اليومِ الثانيَ عشرَ منه بدعةً عظيمة ومنكراً كبيراً ألا وهو الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
وحديثنا اليوم في نقطتين:
ـــ أول من ابتدع بدعة الاحتفال بالمولد.
ـــ حكم الاحتفال بالمولد .
فأول من ابتدع بدعة الاحتفال بالمولد النبوي هو الملك المظفر ملك إربل، واسمه أبو سعيد كوكبوري في أواخر القرن الخامس وأوائل السادس الهجري. ويقال إربل أو أربيل، وهي منطقة أو مدينة في شمال العراق على بعد 350 كيلو مترا من بغداد، يسكنها الأكراد إلى اليوم، وفيها قلعة إربيل المشهورة. ومدينة إربل أو إربيل هي بقايا مدينة آشورية قديمة كانت تسمى (أربا ــ إيلو) وترجمتها بالعربية الآلهة الأربعة، مما يدلنا على أنها كانت حضارة وثنية شركية مثل الحضارة الفرعونية الشركية القديمة تؤمن بتعدد الآلهة. فكان هذا أبو سعيد كوكبوري هو أول من ابتدع بدعة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وتابعه على ذلك حكام الدولة الفاطمية الرافضية البائدة عليهم من الله ما يستحقونه من نقمته وعذابه وسوء عقابه. وكان من أشدهم في إظهار تلك البدعة المسمي نفسه الحاكم بأمر الله الشيعي الرافضي المنسوب إلى الفاطمية زورا وكذبا وبهتانا. هذا الحاكم بأمر الشيطان لا بأمر الله، حكم مصر خمسا وعشرين سنة وشهرا واحدا، ثم اختفى، لم يقولوا مات وهلك ولكنهم أعلنوا أنه اختفى، بعد أن ادعى الألوهية، ولا يزال إلى الآن طائفة من الناس تعبده، وهم طائفة الدروز بلبنان. فطائفة الدروز بلبنان حتى اليوم تعبد هذا الحاكم بأمر الشيطان. وهو الذي نشر بدعة الاحتفال بالمولد، بل نشر في مصر وقتها الشرك والكفر والزندقة والإلحاد والفقر والجهل والمرض، وكان يأمر بكتابة لعن أبي بكر وعمر على أبواب مساجد مصر كلها. حُكمت مصر بهذا المذهب الضال قرابة ثلاثمائة سنة ولله الحمد لم يتشيع منها في ذلك الوقت رجل واحد ولا حتى امرأة ولا صغير ولا كبير. فهل يليق بمسلم يحب الله ورسوله وصحابته الكرام ، أن يتبع هذا الزنديق الحاكم بأمر الشيطان في الاحتفال بهذه البدعة المنكرة؟؟!!
ومن هنا نعلم أنه ما دام هذا الاحتفال مبتدع في أواخر المائة الخامسة للهجرة، فمعنى هذا أنه لم يكن موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد خلفائه الراشدين المهديين، ولا في القرن الثاني ولا الثالث، وهي القرون المفضلة والتي شهد لها رسول الهدى صلى الله عليه و سلم بالخيرية، فقال: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم..." وفي رواية : "خير الناس قرني ..." وما داموا هم خير الناس وهم خير القرون فلسنا نحن بأخير منهم ولا بأفضل منهم، فلماذا نبتدع شيئا لم يفعله أهل القرون المفضلة؟؟!! ومن ثم يمكننا أن نصل معا إلى حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، وهو أنه بدعة منكرة، وضلالة في الدين، واستدراك على رسول رب العالمين، واتهام له بالنقص في أحكام الشريعة، وعدم تبليغ الرسالة، وأداء الأمانة، التي أمره الله تعالى بإبلاغها الناس.
@عباد الله! نفعني الله وإياكم بالقرآن الحكيم، وبهدي النبي الكريم، وأستغفر الله العظيم الحليم لي ولكم، ولسائر المؤمنين والمؤمنات من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
@الحمد لله ... @عباد الله! اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وامتثلوا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن هذا الشهر، شهر ربيع الأول قد كان فيه مولده صلى الله عليه وسلم، وفيه هجرته وفاته، فلا يجوز أن نجعله موسماً للأفراح، ولا للأتراح، بل الواجب أن نتذكر حالته على الدوام، وأن نقتدي به طوال العام، في قيامه بعبادة ربه، ودعوته إلى دين الله، وتبليغ رسالة الحق للناس أجمعين، وليعلم الجميع أن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم، لا يتم إيمان عبد حتى يحبه عليه الصلاة والسلام. ولكن محبته لا تكون باختراع البدع والمحدثات، بل تكون محبته باتباع ما أمر به، واجتناب ما نهى، عنه قولاً وفعلاً واعتقاداً وسلوكاً وعبادة . ولقد كان السلف الصالح رحمهم الله من الصحابة والتابعين يحذرون أشد الحذر من البدع والمحدثات في الدين، ولا عجب في ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم رباهم على بغض البدع وبين لهم خطورتها، فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم"، وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة"، وعطس رجل إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما فقال الرجل: الحمد لله والسلام على رسول الله فأنكر عليه ابن عمر وقال للرجل: وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله، ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها، يعني أن العاصي قد يوفقه الله للتوبة، أما المبتدع فإنه لا يوفق إليها والعياذ بالله إلا أن يرحمه الله عز وجل. ورأى التابعي الجليل سعيد بن المسيب رجلاً: يصلى بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين فنهاه عن ذلك، فقال الرجل: يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة؟ فقال له ابن المسيب: لا ، ولكن يعذبك على خلاف السنة، وقال الإمام أيوب السختياني رحمه الله: "ما ازداد صاحب البدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً"، وهذا مصداق قول الله جل وعلا: (وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية * تسقى من عين آنية* ليس لهم طعام إلا من ضريع * لا يسمن ولا يغني من جوع). وقال الإمام الشافعي رحمه الله: لأن يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنب خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من هذه الأهواء [يعني: البدع في الدين]. فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من الوقوع في ما يسخط الله جل وعلا من المعاصي كبيرها وصغيرها، ومن البدع خفيها وجليها، واتبعوا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي أصحابه رضي الله عنهم، واتركوا ما أحدثه المحدثون، وما ابتدعه المبتدعون فإن الشيطان صرفهم عن طاعة الرحمن، واتباع سيد الأنام، وأوقعهم في المعاصي والبدع وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، وما علموا أنهم مرتكبون لأعظم الذنوب التي لا تزيد العبد من ربه إلا بعداً. واحرصوا على اتباع الكتاب والسنة، وآثار السلف في أقوالكم وأفعالكم، فإن الدين كامل لا يحتاج إلى زيادة من أحد، كائنا من كان.
اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة والقصد في الغنى والفقر وكلمة الحق في الغضب والرضا ونسألك نعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك المؤمنين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق